هل شاهدتم مسلسل زهرة وأزواجها الخمسة؟ وهل تصدقون أن ما صار لزهرة يمكن أن يحدث لنساء في زمننا من تعدد الأزواج ، تلك هي الحقيقة المرة التي أصبحت واقعاً بعدما بات الرجل يطلق زوجته ويعيدها لعصمته دون علمها، وتحول الأمر إلى فوضى واستهزاء بحدود الله دون وازع أو ضمير، فالزوج يرجع زوجته دون علمها ويعاشرها بعد الطلقة الثالثة وكأننا عدنا إلى الجاهلية الأولى.
ونجد الآن أزواجاً يبتزون مطلقاتهم بالعودة إلى عش الزوجية وإلا سيتهمن بالجمع بين الأزواج، ذلك هو الواقع المهين الذي تعيشه بعض النساء من الطبقات الفقيرة وما أكثرها في مجتمعاتنا.
"سبق" تتساءل هل سن قانون للأحوال الشخصية سيحمي المرأة من استهتار الرجال وهل يشترط القانون نصوصاً قاطعة لموافقة المرأة على الرجوع لزوجها بعد الطلاق؟!
شرعي أم زنا؟
في البداية تحدثت إحدى الزوجات لـ"سبق" قائلة: منذ اليوم الأول للزواج وزوجي يعاملني كأداة لإنجاب الأطفال فقط، فلم يراعِ مشاعري ولم أشعر بعطفه عليّ، ودائماً ينهرني لأتفه الأسباب وأحياناً يضربني، وعندما أذهب لأمي لبث شكواي وقلة حيلتي، تنصحني بالعودة إلى زوجي مهما قاسيت منه ويلات العذاب.
وتابعت: في إحدى المرات طلقني زوجي دون علمي، ثم قال إنه رجعني، وبالفعل عادت حياتنا الزوجية طبيعية، وبعد فترة وجيزة احتدم الخلاف بيننا، فطلقني لثاني مرة، لافتة إلى معاشرته لها بعد انقضاء عدتها، وقالت: ذهبت إلى أهلي استغيث بهم، بيد أنهم خذلوني وطلبوا مني العودة إلى زوجي ليتكفل بي، وحجتهم في ذلك ضيق ذات اليد، وعجزهم عن الإنفاق عليّ.
وبنبرة حزن تساءلت عبر "سبق" أنا الآن حامل وما أدري هل حملي شرعي أم لا، وهل معاشرتي له عقب انقضاء عدتي شرعية أم تعد زنا؟
زوجي يبتزني
" زوجي يبتزني" بهذه العبارة بدأت إحدى الزوجات حديثها قائلة: حرمني الأب من التعليم، بحجة الزواج، وكانت أمي تنصحني دائماً بالطاعة العمياء لزوجي، تزوجت والأمل يحدوني في حياة مستقرة ، بيد أنه ومنذ اليوم الأول لزواجي، عانيت من طباع زوجي الحادة، وعدم احترامه لي، حتى باتت كلمة "الطلاق" في كثيرٍ من الأحيان حداً فاصلاً لإنهاء خلافتنا التي لا تنتهي.
وقالت: في إحدى المرات تصاعد الخلاف بيننا حتى طلقني، وبعد انتهاء "فترة العدة" تقدم لي رجل آخر اشتهر بحسن الأخلاق، ومراعاة الله، حمدت ربي أن هيأ لي هذا الرجل، لاستكمل معه مشوار حياتي الذي تقطعت أواصره مع زوجي الأول، بيد أن الزمن دائماً ما يتربص بي، فقد فوجئت بعد عقد القران، بزوجي الأول يخبرني أنه راجعني منذ ثلاثة أسابيع فقط، دون علمي، وتناقشت معه لاحتواء الموقف، وأوضحت له أن حياتنا معاً باتت مستحيلة، بيد أنه ساومني إما العودة إليه، وإلا فسوف يتهمني في المحكمة بتهمة "تعدد الأزواج".
وأعربت عن حزنها قائلة: يشهد الله أني لم أعلم أنه راجعني، ولم أتخيل معاشرة هذا المخلوق مرة أخرى، لكني مضطرة إلى الاستسلام لابتزازه المهين خوفاً من السجن، لأني لا أملك أي أوراق ثبوتية تؤكد صحة كلامي.
خوفي من الله
وبصوت ممزوج بالبكاء سردت إحدى الزوجات معاناتها لـ" سبق" قائلة: أنا أم لأربعة أطفال وزوجي كثير الانفعال وصارت كلمة "أنت طالق" كالعلكة في فمه، ودائماً ما يطلقني ويرجعني مرة ثانية وتكرر الحال مرات عدة، وعلى الرغم من تأكدي من أنه طلقني ثلاث إلا أنه ينكر ويقول إنه راجعني قبل انتهاء العدة.
وتابعت: رفضت كثيراً أي علاقة تقوم بيننا لخوفي من الله وبدأ يجبرني لإقامة علاقة وإني زوجته ولابد أن ألبي رغباته إلا أنني أخاف الله، وسألت إحدى صديقاتي فقالت لي لابد من رفع دعوى لفسخ الزواج، وبالفعل قمت برفع دعوى وقال زوجي إنني أرفض معاشرته إلا أني أقسمت بالله للقاضي أنه طلقني ثلاث وخوفي من عقاب الله هو الذي يمنعني عنه وحكم القاضي بفسخ النكاح وبالفعل طلقت منه، وحمدت ربي على إنصاف القضاء لي.
حدود الله
رأت الناشطة الحقوقية الدكتورة سهيلة زين العابدين أن للزوجة حق الموافقة على الرجعة لزوجها، ولا يصح أبداً أن يراجع الزوج زوجته دون علمها وموافقتها، مستشهدة بالآية الكريمة "فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا"، وقالت: الآية أوضحت أن الرجعة لاثنين وليس للرجل وحده.
واستنكرت ما يقوم به بعض الرجال من طلاق ورجوع وتكرار ذلك مرات ومرات وكأنها لعبة في يده متجاهلاً شرع الله تعالى في ذلك، وقالت: هناك إشكالية كبرى تقع عند رجعة الزوجة دون علمها، حيث تنتهي العدة وترتبط الزوجة بآخر ويعود الرجل ويقول لقد أرجعتها قبل انتهاء العدة دون علمها فيحدث لبساً.
واتهمت من يقوم بتطليق زوجته ومراجعتها عدة مرات وربما يكون تجاوز الثلاث بالزاني، مشيرة إلى أنه إذا علمت الزوجة أنها الطلقة الثالثة ووافقت على معاشرته فتعد مشتركة معه في الإثم ولابد من وقوع الحد عليهما، وقالت: لا استهزاء بحدود الله.
وأعربت عن أسفها من استهانة البعض بالدين مع التحايل على التعاليم والنصوص الدينية لأهواء شخصية، مشيرة إلى أنه من الصعب أن يفصل القاضي في تلك القضايا، وقالت: كيف يدخل القانون في نوايا الفرد، فلابد من الزوج أن يكون على قدرٍ من الدين ولا يستهن بتلك الأمور.
تهميش المرأة
وقالت: للأسف لا يزال هناك بعض من القضاة يعطون الحق للرجل لمراجعة زوجته دون علمها، متسائلة لماذا هذا التهميش للمرأة حتى في الأمور المتعلقة بحدود الله فيأخذ القاضي بكلام الرجل ولا يصدق المرأة ، بيد أنها أكدت أن هناك قضاة منصفين ومعتدلين وبفكر واسع.
وطلبت من الزوجة عدم موافقة زوجها على المعاشرة الزوجية إذا طلقها ثلاثاً، حيث صارت أجنبية عنه وأي علاقة تقوم في هذا الإطار تعد زنا، مطالبة الرجل بتقوى الله تعالى وعدم تعدي حدود الله، وقالت: غضب الله شديد وسوف يقع على كل من يتعدى الحدود إما في حياته أو بعد أن يموت.
مدونة الأسرة
وأرجعت الكاتبة الدكتورة أميرة كشغري الممارسات الخاطئة التي يمارسها بعض الأزواج داخل الأسرة لجهل المرأة بثقافتها الحقوقية، والتي رسخت الأسرة جذورها في ذهن المرأة ، وكذلك عادات المجتمع التي دائماً ما تطالب المرأة بالتنازل.
وطالبت بوجود قوانين واضحة ومكتوبة لحماية المرأة من الآثار السلبية الناجمة عن الطلاق، وكذلك لتنظيم قضايا الأسرة ، مؤكدة ضرورة أن تكون هذه القوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية.
وكشفت لـ"سبق" عن مشروع "مدونة الأسرة "الصادرة من وزارتي العدل والشؤون الإسلامية بشكل تفصيلي يشمل قضايا الزواج والطلاق والنفقة، مشددة على ضرورة تفعيلها في المحاكم.
قانون الأحوال الشخصية
من جهة أخرى أكد أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية الدكتور محمد النجيمي أنه إذا ثبت للقاضي أن زوج طلق زوجته وراجعها دون علمها يستحق التعزير، مشيراً إلى أن قانون الأحوال الشخصية هو الذي سيحد من العديد من المشاكل المتعلقة بالمطلقات، حتى لا تصير في إطار الاجتهادات.
وأكد أهمية التوعية الدينية للمرأة بحقوقها التي كفلها لها الشرع حتى لا تصبح ضحية لقهر وظلم بعض الرجال، مشيراً إلى أن مراجعة الزوجة دون علمها بعد فترة العدة يفسد النكاح وإن نتج عنه أي أطفال فينسبون لأبيهم الحقيقي من نكاح فاسد، أما إذا طلقها ثلاثاً وراجعها فهذا باطل، حيث انتفى ركن من أركان النكاح وعلي القاضي أن يفسخ العقد ويعزر الزوج بعقوبة سواء جلد أو سجن أو غرامة .
التوعية الدينية
وعن الأسباب التي تجعل الزوج يخالف حدود الله ويراجع زوجته بعد الطلاق أو يعاشرها قال النجيمي: ضعف التوعية الدينية عند بعض الأزواج كما أنهم لا يتوقعون أي عقوبة رادعة إذا اكتشف الأمر، مشيراً إلى أن تلك الأفعال تصدر من الزوج تجاه الزوجة الضعيفة منعدمة الثقافة أو المرأة المضطهدة داخل أسرتها.
ونادى النجيمي بضرورة التوعية الدينية داخل المدارس ووسائل الإعلام، مع ضرورة سن مدونة شديدة وقوية للأحوال الشخصية، معرباً عن أسفه من التلكؤ في حل المشاكل المتعلقة بالمرأة.
ودعا إلى ضرورة احترام المرأة وإبلاغها عند الرجوع وإشهاد شاهدين على ذلك، حتى نتفادى العديد من المشاكل، موجهاً رسالة إلى الأزواج قائلاً: انتبه أيها الزوج أنت تعاشر زوجة قد تكون أجنبية عنك وتقع في حدٍ من حدود الله باستهانة وتعالٍ لأوامره جل شأنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق